ومنهم العاصي الذي عرف حكمة خلقه لكنه غلّب أهواءه وشهواته، وخالف ما خلق من أجله. قال تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (الأحزاب:36). وإذا سألت ملحداً عن الحكمة من خلق أعضاء جسمه أجابك مقراً بأن لكل عضو في جسمه حكمة بديعة. وإذا سألته عن ارتباط الحكمة من العضو بالجسم أجابك بأن الحكمة من أي عضو مرتبطة بالكيان بأجمعه. وإذا سألته عن الحكمة من كيانه بأجمعه، الذي أحكمت الأعضاء من أجله، نفى أن تكون له حكمة!! ولو طلبت من أحدهم أن يستخدم أي عضو في بدنه لغير الحكمة التي خلق من أجلها، كأن يأكل بإذنه أو عينه فإنه سيستنكر ذلك ويستسخفه، لأنه بذلك سيفسد العضو بتغيير وظيفته التي خلق من أجلها، بينما هو يخطئ في تفسير الحكمة من خلقه بأجمعه، ويفسد حياته ويخسر نفسه.
فقد خلقه الله ليسير في طريق العبادة والطاعة في الدنيا ليكون من الفائزين بالجنة فأبى إلا أن يسلك طريق المعصية فيخسر نفسه في نار جهنم، وأي مصيبة وجريمة أكبر من أن يتمرد على خالقه ويخسر نفسه في النار أبداً. قال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} (الزمر:15). الموت قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} (الأنبياء:35) {إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} (يونس:49).
فالموت لا يرده عنك مال ولا بنون ولا يرده علم ولا جاه، يقهر الملوك في قصورهم، ويأخذ الأطباء من مستشفياتهم، وينتزع الأغنياء والتجار من بين كنوزهم، ويأخذ أرواح الشباب والأطفال إذا جاءت آجالهم، ولكن المؤمن يستسلم لهذا القدر، ويعد نفسه لما بعده حتى يحيا الحياة الأبدية منعماً في جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.
إن الله سبحانه وتعالى قد حدد للإنسان أجله ورزقه وعمله وشقي أو سعيد، وقد كان هذا التحديد يوم أن نفخ فيه الروح وهو في بطن أمه، كما جاء في الحديث الشريف (ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيُؤْذَنُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَيَكْتُبُ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ)، فالحياة الدنيا اختبار وابتلاء، وينتهي هذا الاختبار بخروج الروح من الجسد حيث ينتقل الإنسان من مرحلة الحياة الدنيا إلى الحياة البرزخية.
تعريف الموت
الموت هو: مفارقة الروح للبدن وانتقال من الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة. قال القرطبي: (قال العلماء: الموت ليس بعدم محض ولا فناء صرف وإنما هو انقطاع تعانق الروح بالبدن ومفارقته وحيلولة بينهما، وتبدل حال وانتقال من دار إلى دار).
أما علماء الكائنات الحية: فيرون الموت انقطاعاً عن أنشطة الحياة فالميت لا يأكل، ولا يشرب ولا يسمع ولا يحس ولا يعقل شيئا ولا يتنفس ولا يتناسل ولا يتحرك ولا ينمو، وبعكسه الحي. وقد قررت هذه الفوارق بين الكائنات الحية والميتة نتيجة للاستقراء والدراسة الطويلة للتفريق بين الميت والحي.
وهناك ما يسمى بالموت السريري، وفيه يتوقف عمل القلب والرئتين، ولكن الشخص يعود إلى وعيه ثانية بعد عودة القلب والرئتين إلى عملهما، وكان ذلك يثير شبهة عند الجاهلين بأن الميت قد عاد إلى الحياة مرة ثانية، والحقيقة أن ذلك الإنسان لم يمت فعلاً وإنما تعطلت بعض مظاهر الحياة فيه مؤقتاً بينما الروح في الجسم لم تفارقه.
كل من عليها فان
الموت قدر محتوم على كل مخلوق ولا مفر منه، فجميع الكائنات الحية من النباتات والحيوانات والإنسان ستموت. بل وكل الأحياء المبثوثة في الأرض الطحالب والفطريات والجراثيم والبكتريا والفيروسات والكائنات التي في أعكلمة غير مرغوب بها البحر وفي جو السماء، وحتى التي في جوف الصخر، كلها ستموت. كما أن للكون كله أجلاً معلوماً سينتهي فيه، فالجبال لها أجل معلوم والشمس والقمر والكواكب والنجوم لها أجال محتومة. قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (لقمان:29).
والهرم الذي يصيب أجزاء الجسم نذير من نذر الموت فعنده يثقل السمع ويضعف البصر ويلين العظم وتضمر العضلات ويتجعد الجلد وتضعف الذاكرة وتتساقط الأسنان ويشيب الشعر قال تعالى: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ} (يس:68). وقال تعالى: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} (الحج:5). فسيموت البشر جميعاً الرجال والنساء، الأطفال والشيوخ، الأغنياء والفقراء، الأطباء والمرضى، القادة والشعوب، الرؤساء والمرؤوسون، وكذا الملوك والطغاة والجبابرة والمتكبرون. قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (العنكبوت:57).
يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ
يبدأ الله خلق الإنسان نطفة صغيرة (خلية ملقحة) لا ترى بالعين المجردة، فيغذيها بمواد ميته من دم الأم، فتتحول تلك المواد الميتة إلى خلايا حية تنمو مكونة علقة فمضغة فعظاماً فتكسى العظام لحماً، وبهذا يصير الغذاء الميت جنيناً حياً (حياةً نباتيةً). وينمو ذلك الجنين ويتحرك ثم تنفخ فيه الروح، فينشئه الله خلقاً آخر ويجعله بشراً سوياً.
وتجتمع عملية الموت والحياة في أجسام الكائنات الحية، فبينما تموت خلايا في تلك الأجسام تتولد خلايا حية أخرى فيها، وتجري هذه العملية في أجسامنا وأجسام الكائنات الحية بلا انقطاع، فخلايا تولد من مواد ميتة وخلايا تموت من أجسام حية في وقت واحد وهكذا نرى سنة الإماتة والإحياء لمواد ميتة تتكرر لتوديع أجيال كانت حية واستقبال أجيال من مواد كانت ميتة، سواءً على مستوى الأمم والأجيال أو على مستوى الخلايا في الجسد الواحد فسبحان القائل: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} (الروم:19).
الله وحده مالك الموت والحياة
إن أعلى درجات التصرف في الكائنات الحية هو منحها الحياة وإيقاع الموت عليها، وذلك بيد مالك الموت والحياة سبحانه، فمع أن كل كائن حي يكره الموت لكنه في النهاية يموت رغماً عنه، كما أنه لم يظهر إلى الوجود بإرادته. قال تعالى: {لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (الحديد:2). وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (المؤمنون:80). وجاء في الحديث القدسي الذي يرويه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه: (… وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ).
الحكمة من الموت
كلما تخيل الإنسان صورة لحياته واختارها لنفسه وفسر بها وجوده، جاء الموت فحطمها ودمرها، فمن جعل تحصيل العلم أو الشهرة والجاه، أو جمع المال، أو كثرة الأولاد هدفاً لحياته، أو جعل الحصول على اللذة والمتعة، أو الزعامة والقيادة غاية لحياته، جاءه الموت فحطم كل هذه الأمنيات التي تقتصر على ظاهر من الحياة الدنيا.
فهل الحكمة من الموت هي مجرد تحطيم هذه الآمال والأهداف أم لابد له من حكمة تكون مرتبطة بكل أطوار الحياة قبل الموت وبعده، لأنه حلقة في سلسلة أطوار وجود الإنسان قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا ءَاخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16)} (المؤمنون:12-16).
إن الخالق سبحانه الذي نقلنا طوراً بعد طور قد أخبرنا عن الحكمة من طور الموت فبين أنه: هي الانتقال من دار العمل إلى دار الجزاء حيث توفى كل نفس ما كسبت. قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (آل عمران:185).
الموت يأتي بغتة
وفي أجله المحدود من الناس من يكون في صحة وعافية وعلى الرغم من ذلك يفجأوه الموت ولا يستطيع أحد رده. قال تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} (الأعراف:34). وبعض المرضى يصلون إلى حافة الموت وييأس الأطباء من حياتهم، وإذا بالحياة تدب في أوصالهم ويعيشون إلى ما شاء الله. والذين يشهدون المعارك العسكرية يدركون هذه الحقيقة فيشاهدون أفراداً يتعرضون للهلاك حين تقصفهم الطائرات أو تنفجر بهم الألغام أو يخترق الرصاص أجسامهم، أو يتعرضون لمؤامرات محكمة لقتلهم، ورغم ذلك لا يموتون لأن الأجل لم يأت. قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا} (آل عمران:145).
أما إذا جاء الأجل فلا يدفعه الحذر. قال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (الجمعة:
. فكيف ننسى الموت أو نتناساه وهو لا محالة واقع ولا مفر منه ولا مهرب ونحن لا ندري في أي لحظة يفجؤنا وفي أي مكان يدهمنا؟ قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: كل امرئ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله، فاستعد أيها المؤمن للموت، وتجهز له بالتوبة وترك الذنوب صغيرها وكبيرها والإقبال على الله بالعمل الصالح كما فعل القعقاع بن حكيم الذي قال (قد استعددت للموت منذ ثلاثين سنة، فلو أتاني ما أحببت تأخير شئ عن شئ).
ومن أيقن بالموت جعل وقته كله طاعة لله عز وجل، وكيف نخشى الموت وهو لا يأتي إلا في أجله وموعده وحين يعلم الإنسان ذلك، فإنه يكون شجاعاً في مواقفه وتصرفاته فلا يخشى إلا الله، ولا يخاف على نفسه لأنه يعلم أن أجله بيد الله سبحانه وتعالى. كفى بالموت واعظاً الموت حقيقة واقعة لا يستطيع مخلوق رده أو التهرب منه أو تأجيله عن وقته، غير أن كثيراً من الناس يغفلون أو يتغافلون عن ذكر الموت، والاستعداد لما بعده، ويفرون من ذكره وهم ملاقوه، ويتعامون عنه وهو آتيهم، قال تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} (النساء:78).
فكن أيها المؤمن على استعداد دائم للموت فقد تصبح مع الأحياء ولا تمسي إلا مع الأموات، أو تمسي مع الأحياء ولا تصبح إلا مع الأموات، قال تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} (لقمان:34). إن تذكرنا للموت يجعلنا ندرك حقيقة الدنيا الفانية التي تنكشف بالموت، فلا نغتر بها أو نركن إليها، ويجعلنا نتوجه إلى الحياة الباقية الدائمة، ونسارع في التوبة وننشط في العبادة، وكفى به واعظاً يهدم اللذات ويقطع الأماني والآمال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَكثروا من ذكرِ هادمِ اللذّات) قلنا يا رسول الله وما هادم اللذات قال: (الموت).
هذا وزيارة القبور تذكر بالموت وهي من دأب الصالحين، فحين نشاهد القبور نتذكر من كان في قصوره منعماً ومن كان صاحب الأمر والنهي، ومن كان يصدر الأوامر للجيوش والشعوب، كما أنها تذكر بالآخرة فيبقى القلب في يقظة دائمة. وقد قال صلى الله عليه وسلم (فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ). وقد جاء رجل من الأنصار فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي المؤمنين أفضل؟ قال (أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا) قَالَ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ؟ قَالَ (أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا، وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا، أُولَئِكَ الأكْيَاسُ)، ومعنى الأكياس: العقلاء.
قال أبو العتاهية الموت باب وكل الناس داخله يا ليت شعري بعد البابِ ما الدار؟ الدار جنة خلد إن عملت بما يرضي الإله وإن قصرت فالنار والموت لا محالة نازل بنا بكربه وغصصه ونزعه وسكراته وغمه، ولا شك بأن ملك الموت سينزع أرواحنا ونلقى من الآلام والشدة ما الله به عليم، ولسنا أكرم على الله من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد روت عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل يده عند وفاته في إناء فيه ماء ثم يمسح بها وجهه ويقول: (لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ) وفي رواية عنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت وعنده قدح فيه ماء وهو يدخل يده في القدح فيمسح به وجهه ويقول: (اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ). قال تعالى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} (ق:19).
حال المؤمن وحال الكافر عند الموت
لقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن حال المؤمن وقت موته بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} (فصلت:30). وأما حال الكافر فكما قال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ ءَايَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} (الأنعام:93).
المصدر: كتاب (علم الإيمان) للشيخ عبد المجيد الزندانى