بسم الله الرحمن الرحيم
هل الجن يأكلون ويشربون
وحيث أن مثل هذه الأمور الغيبية في أحوال الجن الذين لا نراهم, توجب علينا كأمة مسلمة تؤمن بالغيب, أن نؤمن بكل المغيبات التي وردت في الجن وذلك لما يتصف به المؤمنون من الإيمان بالغيب كما قال الله تعالى :{ آلم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتيقين * الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخره هم يوقنون}.
وموضوع الجن أمدنا فيه رسول الله بالخير اليقين, فإليك أخي المسلم المؤمن هذه الأدلة الصادقة من عند الذي لا ينطق عن الهوى ففي صحيح البخاري عن أبي هريره رضي الله عنه, أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يأتيه بأحجار يستجمر بها, وقال له :" ولا تأتيني بعظم ولا بروثه", ولما سأل أبو هريره الرسول صلى الله عليه وسلم, بعد ذلك عن سر نهيه عن العظم والروثة, قال :" هما من طعام الجن, وأنه أتاني وفد نصيبين, ونعم الجن, فسألوني الزاد, فدعوت الله لهم: ألا يمروا بعظم ولا روثة إلا وجدوا عليها طعاما".
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :" أتاني داعي الجن فذهبت معه, فقرأت عليهم القرآن, قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم, فسألوه الزاد فقال :" لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم لحما, وكل بعرة علف لدوابكم", قال النبي صلى الله عليه وسلم :" فلا تستنجوا بهما فأنهما زاد إخوانكم". وفي سنن الترمذي بإسناد صحيح :" لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام, فإنه زاد إخوانكم من الجن".
وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم, أن الشيطان يأكل بشماله وأمرنا بمخالفته في ذلك, وقد روى مسلم في صحيحة عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه, وإذا شرب فليشرب بيمينه, فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله". وفي مسند الإمام أحمد "من أكل بشماله أكل معه الشيطان, ومن شرب بشماله شرب معه الشيطان".
وكما أن الإنسان المسلم منهي عن أكل اللحم الذي لم يسمى عليه أسم الله, فإن الجن المسلم أيضا منهي عن أن يأكل لحم الميتة لأنه لم يذكر اسم الله عليها. لذا فقد ترك اللحم الذي لم يذكر اسم الله عليه يأكله المشركون, والذين يذبحون لغير الله والشيطان على شاكلتهم, لذا نستنتج أن الميتة أكل الشيطان, وقد استنبط أن القيم رحمه الله من قوله تعالى :{ إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان}, أن المسكر من شراب الشيطان, فهو يشرب من الشراب الذي عمله أولياؤه بأمره, وشاركهم في عمله, فيشاركهم في شربة وإثمه وعقوبته.